فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الصابوني:

سورة التغابن مدنية.
وآياتها ثمان عشرة آية.
بين يدي السورة:
* سورة التغابن من السور المدنية التي تعنى بالتشريع، ولكن جوها جو السور المكية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية.
* تحدثت السورة الكريمة عن جلال الله وعظمته وآثار قدرته، ثم تناولت موضوع الإنسان المعترف بربه، والإنسان الكافر الجاحد بآلاء الله {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن..} الآيات.
* وضربت الأمثال بالقرون الماضية، والأمم الخالية، التي كذبت رسل الله، وما حل بهم من العذاب والدمار، نتيجة لكفرهم وعنادهم وضلالهم {ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم..} الآيات.
* وأقسمت السورة على أن البعث حق لابد منه، أقر به المشركون أو أنكروه {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن..} الآيات.
* وأمرت بطاعة الله وطاعة رسوله، وحذرت من الإعراض عن دعوة الله {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين}.
* كما حذرت من عداوة بعض الزوجات والأولاد، فإنهم كثيرا ما يمنعون الإنسان عن الجهاد والهجرة {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم..} الآيات.
* وختمت السورة بالأمر بالإنفاق في سبيل الله لإعلاء دينه، وحذرت من الشح والبخل، فإن من صفات المؤمن، الإنفاق في سبيل الله ابتغاء مرضاته، وهو شطر الجهاد، حيث ينقسم إلى قسمين: جهاد بالنفس، وجهاد بالمال {وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون..} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة التغابن مدنية.
هذا قول قتادة.
وقال ابن عباس ومجاهد وعطاء هي مكية إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي وذلك أنه شكى إلى رسول الله جفاء أهله وولده فأنزل الله عز وجل بالمدينة {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} إلى آخر الآيات الثلاث.
وقد ذكر نظيرتها في جميع العدد.
وكلمها مائتان وإحدى وأربعون كلمة.
وحروفها ألف وسبعون حرفا.
وهي ثماني عشرة آية في جميع العدد ليس فيها اختلاف.
وفيها مما يشبه الفواصل موضع واحد وهو قوله تعالى: {وما تعلنون}.

.ورؤوس الآي:

{قدير}.
1- {بصير}.
2- {المصير}.
3- {الصدور}.
4- {أليم}.
5- {حميد}.
6- {يسير}.
7- {خبير}.
8- {العظيم}.
9- {المصير}.
10- {عليم}.
11- {المبين}.
12- {المؤمنون}.
13- {رحيم}.
14- {عظيم}.
15- {المفلحون}.
16- {حليم}.
17- {الحكيم}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة التغابن:
{ألم يأتكم} : هذا الاستفهام للتعجب من حالهم، والنبأ: الخبر الهام وأصل الوبال: الثقل والشدة المترتبة على أمر من الأمور، ومنه الطعام الوبيل أي الثقيل على المعدة، والوابل: للمطر الثقيل القطر، ثم استعمل في الضر لأنه يثقل على الإنسان، والأمر: الكفر وعبر به للإيذان بأنه جناية عظيمة وأمر هائل، والبينات: المعجزات، و{تولوا} : أعرضوا، و{استغنى الله} : أي أظهر غناه عنهم إذ أهلكهم وقطع دابرهم.
زعم فلان كذا: أي ادعى علمه بحصوله، وأكثر ما يستعمل للادعاء الباطل، {بلى} : كلمة للجواب تقع بعد النفي لإثبات ما بعده كما وقع في الآية، {لتبعثن} : أي لتحاسبنّ وتجزونّ بأعمالكم، و{النور} : هو القرآن وسمى بذلك لأنه بيّن في نفسه مبيّن لغيره، والخبير: هو العليم ببواطن الأشياء، يوم الجمع: هو يوم القيامة سمى بذلك لأن الله يجمع فيه الأولين والآخرين في صعيد واحد، و{التغابن} ، من قولهم: تغابن القوم في التجارة: إذا غبن بعضهم بعضا كأن يبيع أحدهم الشيء بأقل من قيمته، فهذا غبن للبائع، أو يشتريه بأكثر من قيمته، وهذا غبن للمشترى.
المصيبة: ما ينال الإنسان ويصيبه من خير أو شر، {بإذن الله} : أي بقدرته ومشيئته، {يهد قلبه} : أي يشرحه لازدياد الخير والطاعة.
{فتنة} : أي بلاء ومحنة، و{من يوق} : أي من يحفظ نفسه، والشح: البخل مع الحرص، والقرض الحسن: هو التصدق من الحلال بإخلاص وطيب نفس. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة التغابن:
{مآ أصاب مِن مُّصِيبةٍ إِلاّ بِإِذْنِ الله ومن يُؤْمِن بِالله يهْدِ قلْبهُ والله بِكُلِّ شيْءٍ علِيمٌ}
قوله جل وعز: {مآ أصاب مِن مُّصِيبةٍ إِلاّ بِإِذْنِ الله...}.
يريد: إلا بأمر الله، {ومن يُؤْمِن بِالله يهْدِ قلْبهُ} عند المصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويقال: يهد قلبه إذا ابتُلي صبر، وإذا أُنعم عليه شكر، وإذا ظُلِم غفر، فذلك قوله يهد قلبه.
{يا أيُّها الّذِين آمنُواْ إِنّ مِنْ أزْواجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عدُوّا لّكُمْ فاحْذرُوهُمْ وإِن تعْفُواْ وتصْفحُواْ وتغْفِرُواْ فإِنّ الله غفُورٌ رّحِيمٌ}
وقوله: {يا أيُّها الّذِين آمنُواْ إِنّ مِنْ أزْواجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عدُوّا لّكُمْ فاحْذرُوهُمْ...}.
نزلت لما أمِر الناس بالهجرة من مكة إلى المدينة، فكان الرجل إذا أراد أن يهاجر تعلقت به امرأته وولده، فقالوا: أين تضعنا، ولمن تتركنا؟ فيرحمهم، ويقيم متخلفا عن الهجرة، فذلك قوله: {فاحْذرُوهُمْ} أى: لا تطيعوهم في التخلف.
وقوله: {وإِن تعْفُواْ وتصْفحُواْ...}.
نزلت في أولاد الذين هاجروا، ولم يطيعوا عيالاتهم لأنهم قالوا لهم عند فراقهم للهجرة: لئن لم تتبعونا لا ننفق عليكم، فلحقوهم بعد بالمدينة، فلم ينفقوا عليهم، حتى سألوا رسول الله صلى الله عليه فنزل: وإن تعفوا وتصفحوا، وتنفقوا عليهم، فرخص لهم في الإِنفاق عليهم.
{فاتّقُواْ الله ما اسْتطعْتُمْ واسْمعُواْ وأطِيعُواْ وأنْفِقُواْ خيْرا لأنفُسِكُمْ ومن يُوق شُحّ نفْسِهِ فأُوْلائِك هُمُ الْمُفْلِحُون}
وقوله: {ومن يُوق شُحّ نفْسِهِ...}.
يقال: من أدّى الزكاة فقد وُقِى شح نفسه، وبعض القراء قد قرأ {ومنْ يُوق شِحّ نفْسِه}، بكسر الشين، ورفعها الأغلب في القراءة. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة التغابن:
{فمنكم كافر} [2] بأنه خلقه. {ذلك يوم التغابن} [9] سمي {بالتغابن}، لأن الله أخفاه. والغبن: الإخفاء، ومغابن الجسد: ما يخفى عن العين، والغبن: في البيع، لخفائه على صاحبه. ويجوز أن يكون التغابن في يوم القيامة، لا من إخفاء الله إياه، بل من [إخفاء] أمر المؤمن على الكافر في الدنيا، فكأن الكافر والظالم يظنان أنهما غبنا المؤمن بنعيم الدنيا، والمظلوم بما نقصه من حقه وتلمه من ماله، وقد غبنهما المؤمن والمظلوم على الحقيقة بنعيم الآخرة وجزائهما، فلما صار الغبن من وجهين أحدهما ظن والآخر حق، جرى على باب التفاعل.
{وأولادكم عدوا لكم} [14] كانوا يمنعونهم من الهجرة. {إن تعفوا وتصفحوا} كان من المهاجرين من قال: إذا رجعت إلى مكة لا ينال أهلي مني خيرا، لصدهم إياي عن الهجرة، فأمروا بالصفح. ويكون العفو بإذهاب آثار الحقد عن القلوب، كما تعفوا الريح الأثر. والصفح: الإعراض عن المعاتبة.
تمت سورة التغابن. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة التغابن:
{ذلِك بِأنّهُ كانت تّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبيِّناتِ فقالواْ أبشرٌ يهْدُوننا فكفرُواْ وتولّواْ وّاسْتغْنى الله والله غنِيٌّ حمِيدٌ}
قال: {فقالواْ أبشرٌ يهْدُوننا} فجمع لأن (البشر) في المعنى جماعة. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة التغابن:
مكية إلا ثلاث آيات من قوله:... {إِنّ مِنْ أزْواجِكُمْ} إلى قوله: {فأُولئِك هُمُ الْمُفْلِحُون}.
نزلت بالمدينة.
11- {ومنْ يُؤْمِنْ بِالله يهْدِ قلْبهُ} يقال: (إذا ابتلي صبر، وإذا أنعم عليه شكر، وإذا ظلم غفر).
15- {إنّما أمْوالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنةٌ} أي إغرام، كما يقال: فتن فلان بالمرأة وشغف بها.
وأصل (الفتنة): البلوي والاختبار.
16- {ومنْ يُوق شُحّ نفْسِهِ} قال ابن عيينة: (الشّح): الظلم.
وليس الشح ان تبخل بما في يدك، لأن الله تعالى يقول: {ومنْ يبْخلْ فإِنّما يبْخلُ عنْ نفْسِهِ} [محمد: 38]. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة التغابن:
{ذلِك يوْمُ التّغابُنِ} (9) لأن الله أخفاه. والغبن: الإخفاء، ومغابن الجسد ما يخفى عن العين، والغبن في البيع لخفائه على صاحبه. أو هو من إخفاء أمر المؤمن على الكافر، فالكافر أو الظالم يظن أنه غبن المؤمن بنعيم الدنيا والمظلوم بما نقصه، وقد غبنهما المؤمن والمظلوم على الحقيقة بنعيم الآخرة وجزائها.
{وأوْلادِكُمْ عدُوّا لكُمْ} (14) كانوا يمنعونهم من الهجرة.
{وإِنْ تعْفُوا} كان من المهاجرين من قال: إذا رجعت إلى مكة لا ينال أهلي مني خيرا بصدّهم إياي عن الهجرة فأمروا بالصّفح، ويكون العفو بإذهاب آثار الحقد عن القلوب كما تعفو الريح الأثر.
والصّفح: الإعراض عن المعاتبة. وفي الحديث: «لا يستعيذنّ أحدكم من الفتنة فإن الله يقول: {إنّما أمْوالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنةٌ} فأيّكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلات الفتن».
{فاتّقُوا الله ما اسْتطعْتُمْ} (16) وذلك فيما قد وقع بالنّدم مع العزم على ترك معاودته وفيما لم يقع بالاحتراز عن أسبابه.
{وأنْفِقُوا خيْرا لِأنْفُسِكُمْ} ايتوا في الإنفاق خيرا لكم. اهـ.